كان صل الله عليه وسلم يقول: { إِنَّ مِنْ بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءَ قَبْلَهُ، وَالْوُضُوءَ بَعْدَهُ } والوضوء هنا هو غسل اليدين بالماء قبل الطعام وبعد الطعام، ويجلس، ولم يجلس
كان صل اللهعليهوسلم يقول:
{ إِنَّ مِنْ بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءَ قَبْلَهُ، وَالْوُضُوءَ بَعْدَهُ }
والوضوء هنا هو غسل اليدين بالماء قبل الطعام وبعد الطعام، ويجلس، ولم يجلس صل اللهعليهوسلم زهداً وورعاً لظروف عصره على شيء عال كالمنضدة الآن، وإنما كان يأكل على ما يُسمى بالسفرة، وهي الفرشة التي تقدَّم على الأرض، والناس الآن يعتبرون أن السفرة هي المنضدة، وهي شيءٌ آخر وليس فيها مانع.
النبي صل اللهعليهوسلم كان في زمانه الناس في فاقة، فمشي على قدر أهل الفاقة، لكن وُجدنا في زمان زاد الخير فيه، فلا مانع أبداً، ولكن نزيد في الشكر لرب العباد عزوجل، فكلما زادت الخيرات كلما زدنا في الشكر لواهب هذه الخيرات والبركات عزوجل.
وكان صل اللهعليهوسلم يجلس على السفرة ويمنع الأكل والإنسان نائمٌ سواءاً على ظهره أو على بطنه إلا للضرورة، والضرورة يعني مرض، لكن في الظروف الطبيعية لا يجوز، وأظن هذا أيضاً يتنافي مع قواعد علم الصحة، لأن الصحة تحتاج أن يأكل الإنسان وهو جالس,، ويبدأ النبي صل اللهعليهوسلم الطعام كما علَّم الصبي: { يَا غُلامُ، سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ } ،
إذا كان الطعام كله سواء فلا أمد يدي لأمام من هو جالس أمامي، وآكل مما أمامي، ولكن بالنسبة للفاكهة بالذات كان يعمل صل اللهعليهوسلم بقول الله فى سورة الواقعة: (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) (20).
في الطعام العادي كان يأكل مما يليه، وفي الفاكهة يتخير منها، ولا يضع النوى في نفس الطبق، وأظن أنها حكمة عالية لأن النوى قد يحمل جراثيم من الفم، لأن الفم موضع الجراثيم في الجسم، فإذا وُضع في نفس الطبق ينقل الجراثيم إلى هذا الطعام. وإذا كان صل اللهعليهوسلم في جمع يأمرهم أن لا يبدأوا حتى يبدأ كبيرهم، ويقول لهم:{ فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ } ، وينهاهم عن البدء حتى يبدأ،
وفي ذات مرة أراد رجلٌ أن يبدأ بالطعام قبل بدايته، فأمسك بيده وقال:
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ }.
فإذا كان جمع لا نبدأ الطعام حتى يبدأ الكبير، كما كان هدى البشير النذير صل اللهعليه وسلم، وكان رسول الله صل اللهعليهوسلم إذا وضعت المائدة قال:
{ بِسْمِ الله }{ اجْعَلْهَا نِعْمَةً مَشْكُورَةً تَصِلُ بِها نِعْمَةَ الجَنَّةِ } .
وكان صل اللهعليهوسلم إِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ يَقُولُ:{ بِسْمِ اللَّهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَقْنَيْتَ وَهَدَيْتَ وَأَحْيَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ }
وكان صل اللهعليهوسلم إذا رفعت مائدته قال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلا مُوَدَّعٍ، وَلا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا }
وإذا فرغ من طعامه قال: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ }.
وكان صل اللهعليهوسلم إذا أكل أو شرب قال:
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا }
وعن أبي أيوب رضي الله عنه قال: { كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ صل اللهعليهوسلم يَوْمًا، فَقَرَّب طَعَامًا، فَلَمْ أَرَ طَعَامًا كَانَ أَعْظَمَ برَكَةً مِنْهُ أَوَّلَ مَا أَكَلْنَا، وَلا أَقَلَّ برَكَةً فِي آخِرِهِ، قُلْنَا: كَيْفَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لأَنَّا ذَكَرْنَا اسْمَ اللَّهِ عزوجل حِينَ أَكَلْنَا، ثُمَّ قَعَدَ بعْدُ مَنْ أَكَلَ وَلَمْ يُسَمِّ، فَأَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ }
وعن عائشة رضي الله عنهما قالت:{ كَانَ النَّبِيُّ صل اللهعليهوسلم يَأْكُلُ الطَّعَامَ فِي سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل اللهعليه وسلم: لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ } ، وقالت: قال صل اللهعليه وسلم:
{ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ }
وكان صل اللهعليهوسلم إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلاً، وروي عنه صل اللهعليهوسلم أنه قال: { إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ فَلا يَقُومُ رَجُلٌ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ، وَلا يَرْفَعُ يَدَهُ، وَإِنْ شَبِعَ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ، وَلْيُعْذِرْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ فَيَقْبِضُ يَدَهُ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةٌ } ، وقال: { إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا }
وكان رسول الله صل اللهعليهوسلم إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم، فكان يقول:
{ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ، وَارْحَمْهُمْ } .
وكان يقول إذا كانوا صائمين: { أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلائِكَةُ }
وكان سيدي أحمد البدوى رضي الله عنه يدعوا بعد الأكل لأهل الطعام فيقول:
" اللهم هنِّي آكليه، واخلف على باذليه، واطرح لنا البركة فيه " فلا مانع من أن ندعو به لأننا ندعو لله عزوجل، المهم أن تدعو لصاحب الطعام بدعاء جامع.
وكان صل اللهعليهوسلم لا ينفخ في الطعام الحار، ولا يأكله حتى يبرد، فقد ورد:
{ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صل اللهعليهوسلم نَهَى عَنِ الطَّعَامِ الْـحَارِّ حَتَّى يَبْرُدَ} ،
وقال صل اللهعليه وسلم: { أَبْرِدُوا الطَّعَامَ،فَإِنَّ الْحَارَّ لا بَرَكَةَ فِيهِ }
وهذا من الإعجاز النبوي، فقد علمنا أن هواء الزفير هو الذي يخرج في النفخ، وهذا الهواء كله ميكروبات، فإذا نفخنا في الطعام ليبرد ملأناه جراثيم وميكروبات، ولذا أمرنا النبي صل اللهعليهوسلم أن نتركه حتى يبرد، أى يبرد تلقائياً.
وإذا أكلنا الطعام حاراً ساخناً أضرَّ بالجهاز الهضمي كله، بداية من الأسنان، فكان صل اللهعليهوسلم لا ينفخ في الطعام، ولا يأكل الطعام حاراً.
وإذا كان في الطعام لحمٌ أمر أحد الحاضرين بالتقسيم والتوزيع، وفى الأثر: { يد الموزِّع ـ أو المفرق ـ في الجنة }، لماذا التوزيع؟ لأننا لو تركنا كل واحد يأكل كالبوفيه المفتوح فيوجد من يستحي وقد يكون الطعام قليلاً فلا ينال نصيبه من اللحم مثلاً، ويوجد من يأكل ببطء ولا يستى مع من يأكل بسرعة، لكن أمرنا بأن نوزِّع الطعام على الحاضرين ونُدرب أولادنا وبناتنا على ذلك تطبيقاً لفعل سيد الأولين والآخرين صل اللهعليه وسلم.
وقد كان رسول الله صل اللهعليهوسلم يأمر بتوزيع اللحم على الحاضرين فيكون لكل نصيبه، وعلينا بعد ذلك فقط أن نأكل ونشكر الله عزوجل على هذه النعم التي أنعم الله عزوجل بها علينا.