ما أحوجنا إلى الكلمة الطيبة التي جعلها نبينا صلى الله عليه وسلم صدقة، وما أحوجنا إلى البسمة الطيبة التي قال فيها نبينا صلى الله عليه وسلم {تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ
ما أحوجنا إلى الكلمة الطيبة التي جعلها نبينا صلى اللهعليهوسلم صدقة، وما أحوجنا إلى البسمة الطيبة التي قال فيها نبينا صلى اللهعليهوسلم {تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ}{1} ما أحوجنا إلى أن ننْبذ الجَفوة والغِلْظة في معاملة إخواننا وقد سمعنا الله يقول لنبينا صلى اللهعليهوسلم {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} حتى بلغ من معاملته الطيبة صلى اللهعليهوسلم هذه الشهادة التي شهدها خادمه أنس بن مالك الذي خدمه عشر سنين وقال في نهاية المدة: {خَدَمْتُ رَسُولَ الله عَشْرَ سِنِينَ فَما قَالَ لِي أُفّ قَط، وَمَا قَالَ لِشَيءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَه؟ وَلاَ لِشَيءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ؟}{2} ولما أشتد عليه زوجاته في المطالبة بحقوقهن، جمعهن وأمسك بالسواك وقال: {لَوْلاَ الْقِصَاصُ لَأَوْجَعْتُكِ بِه?ذَا السِّوَاكِ}{3}، وهل يوجع السواك في ضربه؟ ومع ذلك فلم يثبت أنه ضرب واحدة منهن مرة واحدة في حياته كلها، وعندما رأى جارية واقفة تبكى، أخذته الشفقة عليها فذهب نحوها وقال: ما يبكيك؟ فقالت: أرسلني أهلى بإناء فوقع من يدي فانكسر فأخاف منهم أن يضربوني فأخذها صلى اللهعليهوسلم وذهب معها إلي أهلها، وقال لهم: {لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَكُمْ عَلَى كَسْرِ إِنَائِكُمْ فَإِنَّ لَهَا آجَالاً كَآجَالِكُمْ}{4}، آداب عالية وأخلاق راقية، ليتنا في هذه الأيام نطالع سيرة المصطفى صلى اللهعليهوسلم فإنى أعجب لمن يدرسّون علم الاتيكيت، كيف غاب عنهم هذه الأحوال في سلوك رسول الله صلى اللهعليه وسلم؟ وهل يجدون مثله أو ما يشابهه أو ما يقاربه عند غيره؟ كلا، إنه كما قال حسان بن ثابت رضى الله عنه وأرضاه في شأنه:
وأجمل منك لم تر قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مُبرّءاً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء
{1} رواه الترمذي عن أبي ذر وأحمد وابن حبان عن أبي الدرداء
{2} رواه أحمد والشيخان والخرائطى عن أنس
{3} خرّجه ابن سعد عن أم سلمة
{4} أحمد عن كعب عن عجرة