عرض مشاركة واحدة
 
قديم 04-02-2008, 03:01 AM   #1
افتراضي من أولف إلى طوكيو.. مسيرة الحاج أحمد ''الموسوعة''













هو صديق حميم للعالم الياباني ''كوبوري إيوا ''المستشار الفلاحي للأمين العام الأممي الأسبق كوفي عنان، حَاضَر في أكبر جامعة بطوكيو ''ميجي'' حول ''نظام الفوفارة'' في أفريل 1991 بحضور السفير الجزائري آنذاك السيد يزيد نورالدين زرهوني، وكان له شرف الحصول على أول وسام استحقاق وطني للتربية من أيدي رئيس الحكومة مقداد سيفي سنة .1995 هو الحاج أحمد حمادي ابن منطقة أولف الواقعة على بعد 250 كلم جنوب شرق ولاية أدرار.
يصعب على المرء تحديد كل معالم هذه الشخصية ''الموسوعة'' الذي يعتبر بمثابة الذاكرة الحية لمنطقة أولف وضواحيها، نظرا لتعدد انشغالاته وتشعبها، لكن دون أن يثنيه ذلك عن الاهتمام ببساتين النخيل التي يملكها في ضواحي أولف، رغم اعترافه ''أصبحت لا أجد متسعا من الوقت للاعتناء بالبساتين''.
كان للصدفة دور كبير في لقائنا بالحاج حمادي، خلال روبورتاج حول التجارب النووية بمنطقة رفان، فمن كثـرة ما سمعنا عن الرجل وعن إلمامه بتاريخ المنطقة ونظام السقي بالفوفارة وصداقته مع عالم جغرافي ياباني، دأب على زيارة أولف كل سنة، لم نستطع أنا ومصور الجريدة، حميد أوراغ، مقاومة فضولنا.
وجدناه منهمكا وسط أشجار النخيل، وعلامات الحبور والطمأنينة بادية على محياه رغم كثـرة مشاغله، وجهه ''الطفولي'' يترجم بحق الهدوء الأسطوري لسكان الصحراء الذي منحهم المناعة ضد قساوة الطبيعة وغضبها. خصال أسطورية استحضرها الحاج حمادي خلال المحاضرة التي ألقاها بجامعة ''ميجي'' بمدينة طوكيو اليابانية في أفريل 1991 حول ''الفوفارة'' أمام قاعة ممتلئة عن آخرها بالعلماء و69 صحفيا من مختلف وسائل الإعلام العالمية، تحت أنظار السفير نورالدين يزيد زرهوني. في هذا السياق، تأسف الحاج عن انقطاع السيد زرهوني عن مراسلاته والتواصل معه في كل المناسبات، لكنه وتقديرا للذكريات الجميلة، حاول أن يبرر الأمر بقوله ''أنا أتفهم أن كثـرة انشغالاته كوزير للداخلية لا تترك له متسعا من الوقت لهذه الأمور، لكني أظل أحتفظ بهذه الذكرى الجميلة التي جمعتني وإياه بطوكيو وكذا الكاتب العام آيت شعلال''. الطريق التي سلكها الحاج حمادي لاعتلاء منصة بجامعة طوكيو، ومقارعة أكبر المختصين العالميين لتقديم محاضرة حول نظام السقي التقليدي ''الفوفارة''، كانت شاقة ومحفوفة بالتحديات وعواصف الزمن. لكن تضافر عدة عوامل جعل هذا المسار الشخصي يأخذ طابعا ملحميا، بعد أن كانت كل الظروف قد عقدت حلفا ضد الحاج حمادي، لتجعل منه مجرد ''عامل في الفوفارة'' لا غير.

نور العلم الذي كتب للحاج أن ينّهل منه خرج من غياهب أنفاق مناجم بشار وعبادلة التي كان يشتغل فيها والده. كيف ذلك؟ الأب ومن خلال عمله اليومي الشاق بالمنجم اكتشف أن من يحسن القراءة والكتابة له مكانة خاصة تغنيه عن العمل في الدهاليز، ومنذ تلك اللحظة قرر أن يكون ابنه متعلما ويوفر عنه ظلمة الدهاليز والجهل.
من مواليد 27 سبتمبر 1937 لم يكن الحاج حمادي يحلم بأن يلتحق ذات يوم بالمدرسة الفرنسية بأولف في سن الأربعة عشر عاما في خريف 1949، بعد أن استكمل حفظ القرآن الكريم. ساعده ذكاؤه الفائق وحبه للتعلم في مساره المدرسي واجتياز مسابقة الشهادة الابتدائية في سنة .1953 ساعده أستاذه هنري هيجو في الدروس المكثفة بعد نهاية السنة الدراسية. روى لنا تفاصيل رحلته إلى فرنسا في صائفة 1953 والمقالب المضحكة التي تخللتها، في قالب هزلي. ومن أطرف القصص التي أضحكت مصورنا حميد حتى البكاء، التهام الحاج لقطعة من الجبن بغلافها وهو في ضيافة عائلة فرنسية بمدينة أوكسير، وتفطنه للفضيحة عند سماعه لربة العائلة تقول ''أوه المسكين''. ويكاد حديث الحاج لا ينضب من المقالب والطرائف التي سردها في كتاب يروي فيه قصة حياته. يتضمن الكتاب تفاصيل عن تاريخ عائلته المنحدرة من السودان، وعن فترة تكوينه ببشار من طرف الرهبان على حرفة ميكانيكي سنة 1955، ثم اهتمامه بالجيولوجيا والبترول، ليجد نفسه في آخر المطاف كمرشد فلاحي بعد تربص لمدة سنة بتوفرت. شغل المنصب ذاته بمديرية الفلاحة بورفلة من 1957 لغاية .1961 شكلت السنة المذكورة منعرجًا جديدًا في حياة الشاب حمادي بعد التقائه بالعالم الياباني المختص في الجغرافيا ''كوبوري إيوة'' الذي قام بدراسات حول نظام الفوفارة بكل من إيران وسوريا وأفغانستان والصين والبيرو. وكان من ثمار هذا العمل الثنائي ''كتاب حول الفوفارة'' يحمل إمضاء كوبوري وبجانبه الحاج حمادي. ومن جملة ما يتذكره الحاج اضطراره للنزول لتنظيف فوفارة ''تيط'' لدحض الأسطورة المحلية القائلة بأن كل من ينزل إلى أسفلها يصبح أعمى ''وعندما خرجت من الفوفارة تيقن الجميع من سخافة الأسطورة بعد أن حدقت جيدا في الحضور''. أبحاثه مع كوبوري حول الفوفارة وضعته تحت الأضواء الكاشفة، ومحل اهتمام كاميرات التلفزة اليابانية التي أنجزت شريطا وثائقيا سنة .1969 وكم كانت فرحة الحاج حمادي كبيرة عندما سلمه مسؤول ياباني نسخة بالألوان للشريط الوثائقي عند زيارته لليابان سنة 1991، لأن النسخة الأصلية كانت بالأبيض والأسود.
من جهة أخرى، وبالإضافة إلى دراساته حول الفوفارة، اكتشفنا خلال زيارتنا لمنزل الحاج حمادي بأولف، اهتمامات لا تقل أهمية، كانشغاله بكتابة مسيرة حياته، إنشاء متحف بمنزله الذي شيده بنفسه وبمواد محلية خالصة سنة .1968 ووجدنا في زاوية إحدى الغرف مجموعة كبيرة من الأدوات الحجرية والأسهم المصنوعة من حجر السيليست، ومن عظام الحيوانات، ويعود تاريخها إلى ما قبل التاريخ جمعها الحاج بالمنطقة، وقام بجردها وتصنيفها وتأريخها حسب الحقب التاريخية. كما حدثنا عن ولعه بفن التصوير واحتفاظه بالآلاف من الأفلام، وهو يجلس في مكتبته الشخصية وبجانبه وسام الاستحقاق التربوي، لأن الحاج هو متقاعد من قطاع التعليم. قادته مثابرته على طلب العلم والمعرفة على التدرج في مختلف الأطوار من معلم ابتدائي عشية الاستقلال لغاية تبوئه منصب مدير ثانوية في نهاية المطاف، بفضل مواصلته للدراسة موازاة مع مساره المهني.


lk H,gt Ygn ',;d,>> lsdvm hgph[ Hpl] ''hgl,s,um''





reputation




االموضوع الأصلي : من أولف إلى طوكيو.. مسيرة الحاج أحمد ''الموسوعة'' || الكاتب : mohtit || المصدر : alwahatech

 

  رد مع اقتباس